بحث في فقه السنة والويب

Tuesday, June 14, 2016

براءة ربِّ المالِ بالدفع إلى الإمام مع العدل والجور

براءة ربِّ المالِ بالدفع إلى الإمام مع العدل والجور
إذا كـان للمسلمين إمام يدين بالإسلام، يجـوز دفـع الزكـاة إليه، عادلاً كان أم جائرا، وتبرأ ذمة رب المال بالدفع إليه، إلا أنه إذا كان لا يضع الزكاة موضعها، فالأفضل له أن يفرقها بنفسه على مستحقيها، إلا إذا طلبها الإمام، أَو عامله عليها(1).، 1- فعن أنس، قال: أتـى رجل من بني تميم رسـول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: حسبي - يا رسول الله، إذا أديت الزكاة إلى رسولك، فقد برئت منها إلى الله ورسوله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم،إذا أديتها إلى رسولي،فقد برئت منها، فلك أجرها،وإثمها على من بدلها " (2). رواه أحمد.
2- وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ستكون بعدي أثرة (3)، وأمور تنكرونها. قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا. قال: " تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم " (4). رواه البخاري، ومسلم.
3- وعن وائل بن حجر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجل يسأله، فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعوننا حقنا،ويسألوننا حقهم ؟ فقال: "اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما علّيهم ما حملوا، وعلّيكم ما حملتم "(5). رواه مسلم.
قال الشوكاني: والأحاديث المذكورة في الباب، استدل بها الجمهور على جواز دفع الزكاة إلى سلاطين الجور، وإجزائها.
هذا بالنسبة لإمام المسلّمين فـي دار الإسلام وأما إعطاء الزكـاة للحكومات المعاصرة، فقال الشيخ رشيد رضا: ولكن أكثر المسلمين لم يبق لهم في هذا العصر حكومات إسلامية، تقيم الإسلام بالدعوة إليه، والدفاع عنه، والجهاد الذي يوجبه وجوباً عينياً أو كفائياً، وتقيم حدوده، وتأخذ الصدقات المفروضة، كما فرضها الله، وتضعها في مصارفها التي حدَّدها،بل سقط اكثرهم تحت سلطة دول الافرنج،وبعضهم تحت سلطة حكومات مرتدة عنه، أو ملحدة فيه.
ولبعض الخاضعين لدول الإفرنج رؤساء من المسلمين الجغرافيين، اتخذهم الإفرنج آلات؛ لإخضاع الشعوب لهم باسم الإسلام، حتى فيما يهدمون به الإسلام، ويتصرفون بنفوذهم، وأموالهم الخاصة بهم، فيما له صفة دينية من صدقات الزكاة، والأوقاف، و غيرهما.
فأمثال هذه الحكومات لا يجوز دفع شيء من الزكاة لها، مهما يكن لقب رئيسها، ودينه الرسمي. وأما بقايا الحكومات الإسلامية، التي يدين أئمتها ورؤساؤها بالإسلام، ولا سلطان عليهم للأجانب في بيت مال المسلمين، فهي التي يجب أداء الزكاة الظاهرة لأئمتها، وكذا الباطنة، كالنقدين إذا طلبوها، وإن كانوا جائرين في بعض أحكامهم، كما قال الفقهاء، انتهى.



(1) هذا، ولا يشترط أن يقول المعطي للزكاة - سواء أكان الإمام، أم رب المال للفقر: إنها زكاة. بل يكفي مجرد الإعطاء.
( 2) أحمد في المسند (3 / 136).
(3)"الأثرة":استئثار الإنسان بالشيء، دون إخوانه.
(4) البخاري: كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإسلام (4 / 241)، وكتاب الفن - باب قول الني صلى الله عليه وسلم: "سترون بعدى أموراً تنكرونها... "(59/9)،ومسلم بمعناه:كتاب الزكاة-باب إعطاء المؤلفة قلوبهم،برقم (32 1) (2 / 4 73، 735)، والترمذي: كتـاب الفتن - بـاب في الأثرة ومـا جـاء فيه، برقم ( 0 9 1 2)(4 / 482)، والنسائي بمعناه: كتاب آداب القضاة - باب ترك استعمال من يحرص على القضاء، برقم( 5282) (8 / 224، 225)، وأَحمد في المسند، ( 1 / 384، 386، 387) بلفظه، وبمعناه (5 / 4 30).
(5 ) مسلم: كتاب الإمارة - باب في طاعة الأمراء، وإن منعوا الحقوق، برقم (49، 50) (3 / 1474، 1475).

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews