بحث في فقه السنة والويب

Thursday, June 16, 2016

أنواعُ الصَّدقاتِ

أنواعُ الصَّدقاتِ
وليست الصدقة على نوع معين من أعمال البر، بل القاعدة العامة، أن كل معروف صدقة، وإليك بعض ما جاء في ذلك: 1ـ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "على كل مسلم صدقة". فقالوا: يا نبي الله، فمن لم يجد ؟ قال: "يعمل بيده فينفع نفسه، ويتصدق". قالوا: فإن لم يجد ؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف(1) ". قالوا: فإن لم يجد ؟ قال: "فليعمل بالمعروف، ويمسك عن الشر؛ فإنها(2) له صدقة"(3). رواه البخاري، وغيره.
2ـ وقال صلى الله عليه وسلم: "كل نفس كتب عليها الصدقة كل يوم طلعت فيه الشمس، فمن ذلك أن يعدل(4) بين الاثنين صدقة، وأن يعين الرجل على دابته، فيحمله عليها صدقة، ويرفع متاعه عليها صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشي إلى الصلاة صدقة"(5). رواه أحمد، وغيره.
3ـ وعن أبي ذر الغفاري _ رضي اللّه عنه _ قال(6): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كل نفس، في كل يوم طلعت فيه الشمس، صدقة منه على نفسه". قلت: يا رسول الله، من أين أتصدق، وليس لنا أموال ؟ قال: "لأن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله، والحمد للّه، ولا إله إلا الله، وأستغفر اللّه، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوك عن طريق الناس، والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم، حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماع زوجتك أجر"(7). الحديث رواه أحمد واللفظ له، ومعناه أيضاً في مسلم.
وعند مسلم، قالوا: يا رسول اللّه، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر ؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال، كان له أجر"(8).
4ـ وعن أبي ذر _ رضي اللّه عنه _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من نفس ابن آدم، إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس". قيل: يا رسول الله، من أين لنا صدقة نتصدق بها كل يوم ؟ فقال: "إن أبواب الخير لكثيرة؛ التسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق، وتسمع الأصم، وتهدي الأعمى، وتدل المستدل على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف، فهذا كله صدقة منك على نفسك"(9). رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي مختصراً، وزاد في رواية: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة، وإماطتك الحجر، والشوكة، والعظم، عن طريق الناس صدقة، وهديك الرجل في أرض الضالة صدقة"(10).
5ـ وقال: "من استطاع منكم أن يتقي النار، فليتصدق ولو بشق تمرة(11)، فمن لم يجد، فبكلمة طيبة"(12). رواه أحمد، ومسلم.
6ـ وقال: "إن الله _ عز وجل _ يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت، فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك، وأنت رب العالمين ؟! قال: أما علمت، أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما لو عدته، لوجدتني عنده. يا ابن آدم، استطعمتك، فلم تطعمني. قال: يا رب، كيف أطعمك، وأنت رب العالمين ؟! قال: أما علمت، أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت، أنك لو أطعمته، لوجدت ذلك عندي. يا ابن آدم، استسقيتك، فلم تسقني. قال: يا رب، كيف أسقيك، وأنت رب العالمين ؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته، لوجدت ذلك عندي"(13). رواه مسلم.
7ـ وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يغرس مسلم غرساً، ولا يزرع زرعاً، فيأكل منه إنسان، ولا دابة ولا شيء، إلا كانت له صدقة"(14). رواه البخاري.
8ـ وقال _ عليه الصلاة والسلام _: "كل معروف صدقة، ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إنائه"(15). رواه أحمد، والترمذي وصححه.





(1) "الملهوف": أي؛ المستغيث؛ سواء أكان مظلوماً، أم عاجزاً. (2) أي؛ أن هذه الخصلة.
(3) البخاري: كتاب وجوب الزكاة -باب على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف (2 / 143)، وكتاب الأدب - باب كل معروف صدقة (8 / 13)، ومسلم: كتاب الزكاة - باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، برقم (55) (2 / 699)، والنسائي: كتاب الزكاة - باب صدقة العبد، برقم (2538) (5 / 64). (4) "يعدل": أي؛ يصلح بين متخاصمين بالعدل.
(5) البخاري: كتـاب الجهـاد والسيـر - بـاب من أخـذ بالرِّكـاب ونحـوه (4 / 68)، ومسلم: كتـاب الزكـاة - بـاب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نـوع من المعـروف، برقم (56) (2 / 699)، وأحمد في "المسند" (2 / 316، 350).
(6) ما بين القوسين ليس في مسند الإمام أحمد، وإنما آثرنا إثباته هنا؛ لأن ما بعده إلى قوله: "على نفسه". في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(7) مسلم بمعناه - كتاب الزكاة - باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، برقم (52، 53) (2 / 697) وأحمد في "المسند" (5 / 168)، وتاريخ ابن عساكر (10 / 105).
(8) مسلم: كتـاب الزكـاة - بـاب بيان أن اسـم الصدقـة يقـع على كـل نـوع من المعـروف، برقـم (53) (2 / 697، 698)، وأحمد في "المسند" (5 / 167).
(9) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: كتاب الزكاة - باب ما يكون له حكم الصدقة (ذكر الخصال التي تقوم لمعدم المال مقام الصدقة لباذلها)، برقم (3368) (5 / 160).
(10) الترمذي: كتاب البر والصلة - باب ما جاء في صنائع المعروف، برقم (1956) (4 / 340)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
(11) "شق تمرة": أي؛ نصف تمرة. وهي تفيد، أنه لا ينبغي أن يستقل الإنسان الصدقة.
(12) البخاري: كتاب الزكاة - باب الصدقـة قبل الرد (2 / 135)، ومسلم: كتـاب الزكـاة - بـاب الحث على الصدقة، ولو بشق تمرة، أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار، برقم (66، 68، 69) (2 / 704)، وأحمد في "المسند" مطولاً، ومختصراً (1 / 388، 446، 4 / 256، 258، 259).
(13) مسلم: كتاب البر والصلة والآداب - باب فضل عيادة المريض، برقم (43) (4 / 1990).
(14) البخاري: كتاب الأدب - باب رحمة الناس والبهائم (8 / 12)، وكتاب الحرث والمزارعة - باب فضل الزرع والغرس إذا أُكِلَ منه... (3 / 135)، ومسلم: كتـاب المساقـاة - باب فضل الغرس والزرع، برقم (8) (3 / 1188)، والدارمي: كتاب البيـوع - باب في فضل الغرس (2 / 268)، وأحمد في "المسند" بألفاظ متقاربة (3 / 147، 192، 243).
(15) الترمذي: كتـاب البـر والصلة - بـاب ما جـاء في طلاقـة الوجه..، برقم (1970)، (4 / 374)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وأحمد في "المسند" (3 / 344، 360)..

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews