بحث في فقه السنة والويب

Sunday, June 12, 2016

العاملونَ على الزكاة

العاملونَ على الزكاة
وهم الذين يوليهم الإمام، أو نائبه العمل على جمعها من الأغنياء، وهم الجباة، ويدخل فيهم الحفظة لها، والرعاة للأنعام منها، والكتبة لديوانها.
ويجب أن يكونوا من المسلمين وألا يكونوا ممن تحرم عليهم الصدقة، من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنـو هاشم، وبنـو عبد المطلب ؟ فعن المطّلب بن ربيعه بن الحارث بن عبد المطلب، أنه والفضل بن العباس انطلقا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: ثم تكلم أحدنا، فقال: يا رسول الله، جئناك ؟ لِتؤمرنا على هذه الصدقات، فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة، ونؤُدّي إليك ما يؤدي الناس فقال: "إن الصدقة لا تنبغي لمحمد، ولا لآل محمد؛ إنما هي أوساخ الناس "(1). رواه أحمد، ومسلـم. وفى لفظ: "لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد"(2). ويجوز أن يكونوا من الأغنياء ؟ فعن أبى سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة ؟ لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غازٍ في سبيل الله، أو مسكين تُصُدّق عليه منها، فأهدى منها لغنى"(3). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وإنَّ أخذهم من الزكاة، إنما هو أجر نظير أعمالهم؛ فعن عبد الله بن السعدي، اًنه قدم على عمر بن الخطاب - رض الله عنه - من الشام، فقال: ألم أخبرأنك تعمل على عمل من أعمال المسلمين، فتعطي عليه عمالة (4)، فلا تقبلها ؟ قال: أجل، إن لي أفراساً واعبُداً، وأنا بخير، وأريد أن يكون عملي صدقةً على المسلمين. فقال عمر: إني أردت الذى أردت، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعطيني المال، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه منى. وإنه أعطاني مرة مالاً، فقلت له: أعطه من هو أحوج إليه مني. فقال: "ما آتاك الله - عز وجل - من هذا المال، من غير مسألة ولا إشراف، فخذه فتموله أو تصدق به، وما لا فلا تتبعه نفسك لا(5). رواه البخاري، والنسائي.
وينبغي أن تكون الأجرة بقدر الكفاية؛ فعن المستورد بن شداد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ولي لنا عملاً، وليس له منزل، فليتخذ منزلاً، أو ليست له زوجة، فليتزوج، أو ليس له خادم، فليتخذ خادماً، أو ليست له دابة، فليتخذ دابة، ومن أصاب شيئاً سوى ذلك، فهو غال (6). رواه اًحمد، وأبو داود، وسنده صالح.
قال الخطابي: هذا يتأول على وجهين؛ أحدهما، أنه إنما أباح اكتساب الخادم، والمسكن من عمالته التي هي أجر مثله، وليس له أن يرتفق بشيء سواها.
والوجه الثاني، أن للعامل السكنى، والخدمة، فإن لم يكن له مسكن، ولا خادم، استُؤجر له مَن يخدمه، فيكفيه مهنة مثله، ويكترى(7) له مسكن يسكنه، مدة مقامه في عمله.


(1) مسلم: كتاب الزكاة - باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، برقم (67 1) (2 / 753)، وأحمد في (المسند) ( 4 / 166 ).
(2) مسلم: كتاب الزكاة - باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلمعلى الصدقة، برقم (68 1 ) (2 / 4 5 7)، وأبو داود: كتاب الخراج والإمارة في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، برقم (985 2) (3 / 9 38)، والنسائي: كتاب الزكاة - باب استعمال آل النبي على الصدقة، برقم (2609) (5 / 105، 06 ا)، وموطأ مالك: كتاب الزكاة - باب ما يكره من الصدقة، برقم (3 1 ) (2 / 0 0 0 1 )، وأحمد فى "المسند) (4 / 66 1 ).
(3) أبو داود موصولاً: كتـاب الزكـاة - بـاب مـن يجـوز له أخـذ الصدقة وهو غنـى، برقم ( 1635 ) (2 / 286، 287)، وابن ماجه: كتاب الزكاة - باب من خل له الصدقة، برقم ( 1841) ( 1 / 0 59) والحاكم: كتاب الزكاة - باب مقدار الغِنَى الذي يُحَرمُ السؤال ( 1 / 407، 408) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لإرسال مالك بن أنس إياه عند زيد بن أسلم، ووافقه الذهبي، وموطأ مالك - مرسلاً - كتـاب الزكـاة - باب أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها، برقم ( 9 2) ( 1 / 68 2 )، وأحمد في المسند) (56/3). (4) رزق العامل على عمله.
( 5) البخاري: كتاب الأحكام - باب رِزق الحكام والعاملين عليها 0000 (9 / 84)، ومسلم: كتاب الزكاة - باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة، ولا إشراف، برقم ( 110، 111) (2 / 723)، والنسائي: كتاب الزكاة - باب من آتاه الله - عز وجل - مالاً من غير مسألة، برقم (8 0 26، 9 0 6 2) (4 / 5 0 1 )، وأحمد في "المسنـد" (1 / 7 1، 1 2، 2 / 99).
( 6) أبو داود، بلفظ متقارب: كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب في أرزاق العمال، برقم 945 2) (3 / 4 35)، وأحمد فىالمسند، بلفظه (4 / 229).

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews